أما أم موسى فإنها فزعت، وأصبح فؤادها فارغًا، وكاد الصبر أن يُغلب فيها: {إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠) وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١١)} [القصص:١٠ - ١١]، وتحسسي عنه، وكانت امرأة فرعون قد عرضت عليه المراضع فلم يقبل ثدي امرأة، وعطش وجعل يتلوى من الجوع، وأخرجوه إلى الطريق؛ لعل الله أن ييسر له أحدًا، فحانت من أخته نظرة إليه {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١١)} [القصص:١١] بشأنها، فلما أقبلت عليه وفهمت منهم أنهم يطلبون له مرضعًا قالت لهم: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (١٢) فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ} [القصص:١٢ - ١٣].
ثم ذكر الله في هذه السورة قصته مفصلة واضحة، وكيف تنقلت به الأحوال، قراءتها كافية عن شرح معناها لوضوحها وتفصيلاتها، والله تعالى ما فصَّل لنا إلا ما ننتفع به ونعتبر» (١).
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(١) مجموع مؤلفات الشيخ عبدالرحمن بن سعدي قسم التفسير وعلوم القرآن (٣/ ٢١٥ - ٢١٦).