للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ساق الله خبر ذلك الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى محذرًا لموسى على وجه الثناء عليه.

ومنها: إذا خاف التلف بالقتل بغير حق في إقامته في موضع، فلا يلقي بيده إلى التهلكة، ويستسلم للهلاك، بل يفرّ من ذلك الموضع مع القدرة كما فعل موسى.

ومنها: إذا كان لابد من ارتكاب إحدى مفسدتين تعين ارتكاب الأخف منها والأسلم، دفعًا لما هو أعظم وأخطر، فإن موسى لما دار الأمر بين بقائه في مصر ولكنه يُقتل، أو ذهابه إلى بعض البلدان البعيدة التي لا يُعرف الطريق إليها، وليس معه دليل يدله غير هداية ربه، ومعلوم أنها أرجى للسلامة، لا جرم آثرها موسى.

ومنها: فيه تنبيه لطيف على أن الناظر في العلم عند الحاجة إلى العمل أو التكلم به، إذا لم يترجح عنده أحد القولين، فإنه يستهدي ربه، ويسأله أن يهديه إلى الصواب من القولين بعد أن يقصد الحق بقلبه ويبحث عنه؛ فإن الله لا يُخيب مَنْ هذه حاله، كما جرى لموسى لما قصد تلقاء مدين لا يدري الطريق المعين إليها قال: {عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (٢٢)} [القصص:٢٢]، وقد هداه الله وأعطاه ما رجاه وتمناه.

ومنها: أن الرحمة والإحسان على الخلق، من عرفه العبد ومن لا يعرفه، من أخلاق الأنبياء، وأن من جملة الإحسان

<<  <  ج: ص:  >  >>