للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفتيين أن يذكره عند ربه فلم يذكره ونسي، فلما بدت حاجتهم إلى سؤال يوسف أرسلوا ذلك الفتى، وجاءه سائلًا مستفتيًا عن تلك الرؤيا، فلم يعنفه يوسف ولا وبخه، بل ولا قال له: لِمَ لَمْ تذكرني عند ربك؟ وأجابه جوابًا تامًّا من جميع الوجوه.

ومنها: أنه ينبغي للمسئول إذا أجاب السؤال أن يدل السائل على الأمر الذي ينفعه مما يتعلق بسؤاله، ويرشده إلى الطريق التي ينتفع بها في دينه ودنياه، فإن هذا من كمال نصحه، وجزالة رأيه، وحسن إرشاده؛ فإن يوسف لم يقتصر على تعبير رؤيا الملك، بل دلهم مع ذلك، وأشار عليهم بما يصنعونه في تلك السنين المخصبات من الإكثار من الزراعة، وحسن الحفظ والجباية.

ومنها: أنه لا يلام العبد على دفع التهمة عن نفسه، بل ذلك مطلوب كما امتنع يوسف من الخروج من السجن حتى تتبين لهم براءته مع النسوة اللاتي قطعن أيديهن.

ومنها: فضيلة العلم، علم الشرع والأحكام، وعلم تعبير الرؤيا، وعلم التدبير والتربية، وعلم السياسة، فإن يوسف - عليه السلام - إنما حصلت له الرفعة في الدنيا والآخرة بسبب علمه المتنوع، وفيه أن علم التعبير داخل في الفتوى، فلا يحل لأحد أن يجزم بالتعبير قبل أن يعرف ذلك، كما ليس له أن يفتي في الأحكام بغير علم؛ لأن الله سماها فتوى في هذه السورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>