تقول في أمثالها: آخر الدواء الكي، وقد كوى النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد ابن معاذ وغيره، واكتوى غير واحد من الصحابة.
قال ابن حجر - رحمه الله -: ولم يرد النبي - صلى الله عليه وسلم - الحصر في الثلاثة، فإن الشفاء قد يكون في غيرها، وإنما نبه بها على أصول العلاج، وذلك أن الأمراض الامتلائية تكون دموية وصفراوية وبلغمية وسوداوية، وشفاء الدموية بإخراج الدم، وإنما خص الحجم بالذكر لكثرة استعمال العرب وإلفهم له، بخلاف الفصد، فإنه وإن كان في معنى الحجم لكنه لم يكن معهودًا لها غالبًا، على أن في التعبير بقوله: شرطة محجم، ما قد يتناول الفصد. وأيضًا فالحجم في البلاد الحارة أنجح من الفصد، والفصد في البلاد التي ليست بحارة أنجح من الحجم، وأما الامتلاء الصفراوي وما ذكر معه فدواؤه بالمسهل، وقد نبّه عليه بذكر العسل.
وأما الكي فإنه يقع آخرًا لإخراج ما يتعسر إخراجه من الفضلات، وإنما نهى عنه مع إثباته الشفاء فيه، إما لكونهم كانوا يرون أنه يحسم المادة بطبعه فكرهه لذلك، ولذلك كانوا يبادرون إليه قبل حصول الداء؛ لظنهم أنه يحسم الداء فيتعجل الذي يكتوي التعذيب بالنار لأمر مظنون.
وقيل: إن المراد بالشفاء في هذا الحديث الشفاء من أحد قسمي المرض؛ لأن الأمراض كلها إما مادية أو غيرها، والمادية كما تقدم حارة وباردة، وكل منهما وإن انقسم إلى رطبة ويابسة