للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولى عني ذاهبًا فاتبعته، وجعلت أقول له: ألا تستحي؟ ألست عربيًا؟ ألا تثبت؟ فكف، فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته، ثم رجعت إلى أبي عامر، فقلت: إن الله قد قتل صاحبك، قال: فانزع هذا السهم، فنزعته فنزا (١) منه الماء، فقال: يا ابن أخي، انطلق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقرئه مني السلام، وقل له: يقول لك أبو عامر: استغفر لي.

قال أبو موسى - رضي الله عنه -: واستعملني أبو عامر على الناس، ومكث يسيرًا، ثم إنه مات، فلما مات رجعت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدخلت عليه، وهو في بيت على سرير مرمل (٢)،

وعليه فراش، وقد أثر رمال السرير بظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجنبيه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر، وقلت له: قال: قل له يستغفر لي، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بماء فتوضأ منه، ثم رفع يديه، ثم قال: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ»، حتى رأيت بياض إبطيه، ثم قال: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ مِنَ النَّاسِ»، فقلت: ولي يا رسول الله! فاستغفر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ مُدْخَلًا كَرِيمًا» (٣).


(١) قال الحافظ في الفتح (٨/ ٤٣): فنزا: أي انصب.
(٢) مُرمل: أي معمول بالرمال، وهي حبال الحصر، ولم يكن على السرير وطاء سوى الحصير. انظر فتح الباري (٨/ ٤٣)، النهاية (٢/ ٢٤١).
(٣) أخرج ذلك البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب غزوة أوطاس برقم ٤٣٢٣، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي موسى وأبي عامر الأشعري - رضي الله عنهما - برقم ٢٤٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>