للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّاسُ دِثَارٌ (١)، اللَّهُمَّ ارحَمِ الأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ الأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ»، فبكى الأنصار - رضي الله عنهم - حتى أخضلوا (٢) لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسمًا وحظًا (٣).

ترتيب عجيب:

قال الحافظ في الفتح: وقد رتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما من الله عليهم على يده من النعم ترتيبًا بالغًا، فبدأ بنعمة الإيمان التي لا يوازيها شيء من أمر الدنيا، وثنى بنعمة الألفة، وهي أعظم من نعمة المال؛ لأن الأموال تُبذل في تحصيلها، وقد لا تُحصل، وقد كانت الأنصار قبل الهجرة في غاية التنافر والتقاطع، فزال ذلك كله بالإسلام كما قال الله تعالى: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفال:٦٣] (٤).


(١) قال الحافظ في الفتح (٨/ ٥٢): الدثار: بكسر الدال: هو الذي فوق الشعار، وهي استعارة لطيفة لفرط قربهم منه - صلى الله عليه وسلم -، وأراد أيضًا أنهم بطانته وخاصته، وأنهم ألصق به وأقرب إليه من غيرهم.
(٢) خضل لحيته: بلها بالدموع. انظر النهاية (٢/ ٤٢).
(٣) أخرج ذلك البخاري في صحيحه برقم ٤٣٣٠، ومسلم في صحيحه برقم ١٠٥٩، ١٠٦١، وأحمد في مسنده برقم ١٢٠٢١، وابن إسحاق في السيرة (٤/ ١١٣ - ١١٤).
(٤) فتح الباري (٨/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>