للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا، فَأُوحِيَ إِلَيَّ فِي المَنَامِ أَنِ أنْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِي، فَكَانَ أَحَدُهُمَا العَنْسِيُّ صَاحِبُ صَنْعَاءَ، وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ صَاحِبُ اليَمَامَةِ» (١).

قوله: «فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِي»: أي يظهران ويغلبان بعد موتي، وإلا فقد كانا موجودين في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - متبعين، وقد دل على هذا قوله في الرواية الأخرى: فأولتهما الكذابين اللذين أنا بينهما، ووجه مناسبة هذا التأويل لهذه الرؤيا: أن أهل صنعاء وأهل اليمامة كانا قد أسلما وكانا كالساعدين للإسلام، فلما ظهر فيهما هذان الكذابان وتبهرجا لهما بترهاتهما وزخرفا أقوالهما، فانخدع الفريقان بتلك البهرجة، فكان البلدان للنبي - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة يديه؛ لأنه كان يعتضد بهما، والسواران فيهما هما مسيلمة وصاحب صنعاء بما زخرفا من أقوالهما.

ونفخ النبي - صلى الله عليه وسلم -: هو أن الله أهلكهما على أيدي أهل دينه، أما مسيلمة فقد قُتل في معركة اليمامة في عهد أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، وأما صاحب صنعاء، فقد قتل على يد فيروز الديلمي، وقيس بن مكشوح، وكان ذلك في خلافة أبي بكر


(١) صحيح البخاري برقم ٤٣٧٣، وصحيح مسلم برقم ٢٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>