للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا» (١).

وروى البخاري في صحيحه حديث سمرة بن جندب الطويل، وفيه رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَة آَتِيَانِ وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي وَإِنَّهُمَا قَالَا لِي: انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْت مَعَهُمَا ... فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِن حَدِيْدٍ، وَإِذَا هُوَ يَاتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، قَالَ: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِن ذَلِكَ الجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُوْدُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُوْلَى، قَالَ: قُلتُ: سُبْحَانَ اللهِ مَا هَذَانِ؟ .... قَالَ: قَالَا: أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِن بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ» (٢).

وهذه النكت وإن قُصِد بها المزاح، فإنه ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه أبو داود من حديث أبي أمامة أنه قال: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ» (٣).

وهذا - والله أعلم - إذا لم تتضمن قولاً فاحشًا، أو نشر فاحشة، أو إشاعة منكر، أو استطالة في عرض مسلم، فما كان من هذا ونحوه لا شك أنه من المحرمات، كما سبق في الحديث المتقدم.


(١) صحيح البخاري برقم (٦٠٩٤)، وصحيح مسلم برقم (٢٦٠٧) واللفظ له.
(٢) صحيح البخاري برقم (٧٠٤٧).
(٣) سنن أبي داود برقم (٤٨٠٠)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (٣/ ٩١١) برقم (٤٠١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>