خالفوا الله ورسوله في ارتكابهم النهي الأكيد في عقر الناقة التي جعلها الله لهم آية، ومنها: أنهم استعجلوا وقوع العذاب بهم، فاستحقوه من وجهين؛ أحدهما: الشرط عليهم في قوله: {وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ} وفي آية {قَرِيبٌ} والكل حق. والثاني: استعجالهم على ذلك. ومنها: أنهم كذَّبوا الرسول الذي قد قام الدليل القاطع على نبوته وصدقه، وهم يعلمون ذلك علمًا جازمًا، ولكن حملهم الكفر والضلال والعناد على استبعاد الحق، ووقوع العذاب بهم، قال الله تعالى:{فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ}[هود: ٦٥]. وذكروا أنهم لما عقروا الناقة، كان أول من شدَّ عليها قُدار بن سالف لعنه الله، فعرقبها، فسقطت إلى الأرض، ثم ابتدروها بأسيافهم يُقطعونها، فلما عاين ذلك سَقْبُها، وهو ولدها، شَرَد عنهم فَعَلا أعلى الجبل هناك، ورغا ثلاث مراتٍ؛ فلهذا قال لهم صالح:{تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ} أي غير يومهم ذلك، فلم يصدقوه أيضًا في هذا الوعد الأكيد، بل لما أمسوا همُّوا بقتله، وأرادوا فيما يزعمون أن يُلحقوه بالناقة {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} أي: لنكبسنه في داره مع أهله، فلنقتلنه، ثم نجحدن قتله، ونُنكرن ذلك إن طالبنا أولياؤه بدمه؛ ولهذا قالوا:{ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}.