للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صالح - عليه السلام - أنه خاطب قومه بعد هلاكهم، وقد أخذ في الذهاب عن محلتهم إلى غيرها، قائلًا لهم: {يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ} أي: جَهَدت في هدايتكم بكل ما أمكنني، وحرصت على ذلك بقولي وفعلي ونيتي {وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} أي: لم تكن سجاياكم تقبل الحق ولا تريده؛ فلهذا صرتم إلى ما أنتم فيه من العذاب الأليم المستمر بكم، المتصل إلى الأبد، وليس لي فيكم حيلة ولا لي بالدفع عنكم يدان، والذي وجب عليَّ من أداء الرسالة والنصح لكم قد فعلته وبذلته لكم، ولكن الله يفعل ما يريد، وهكذا خاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل قَلِيب بدر بعد ثلاث ليالٍ، وقف عليهم، وقد ركب راحلته وأمر بالرحيل من آخر الليل، فقال: «يَا أَهْلَ الْقَلِيبِ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإِنِّي قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا» (١). فقال له عمر: يا رسول الله، تُخاطب أقوامًا قد جَيفوا؟ فقال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يُجِيبُون». ويقال: إن صالحًا - عليه السلام - انتقل إلى حرم الله، فأقام به حتى مات (٢).

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


(١). صحيح البخاري برقم (٣٩٧٦)، وصحيح مسلم برقم (٢٨٧٤) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
(٢). البداية والنهاية لابن كثير - رحمه الله - (١/ ٣٠٤ - ٣١٩) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>