بل الشيطان المريد:{وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} وقالوا أيضًا يعظونه ويخوفونه بأس ربه العظيم: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى} يقولون له: فإياك أن تكون منهم، فكان منهم:{وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى} أي: المنازل العالية: {جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى} فاحرص أن تكون منهم، فحالت بينه وبين ذلك الأقدار التي لا تُغالب، ولا تُمانع، وحكم العلي العظيم بأن فرعون - لعنه الله - من أهل الجحيم، ليُباشر العذاب الأليم، يُصب من فوق رأسه الحميم، ويقال له على وجه التقريع والتوبيخ، وهو المقبوح، الذميم اللئيم:{ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ}.
والظاهر من هذه السياقات أن فرعون لعنه الله، صلبهم وعذبهم - رضي الله عنهم -، قال عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -، وعُبيد بن عُمير: كانوا من أول النهار سحرة، فصاروا من آخره شهداء بررة، ويؤيد هذا قولهم:{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ}». (١)
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(١). البداية والنهاية لابن كثير - رحمه الله - (٢/ ٧٠ - ٨٠) بتصرف واختصار.