«وعلم الله تعالى أزلي أبدي لم يُسبق بجهل، ولا يلحقه نسيان، قال موسى عليه الصلاة والسلام لفرعون حين سأله: {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (٥١) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (٥٢)} [طه: ٥١ - ٥٢].
فيعلم تعالى الأمور المتقدمة والأمور المتأخرة أزلًا وأبدًا، ويعلم جليل الأمور وحقيرها، وصغيرها وكبيرها، ويعلم تعالى ظواهر الأشياء وبواطنها، وغيبها وشهادتها، ما يعلم الخلق منها وما لا يعلمون، ويعلم تعالى ما تحت الأرض السفلى، كما يعلم ما فوق السموات العلى، ويعلم تعالى جزئيات الأمور وخبايا الصدور، وخفايا ما وقع ويقع في أرجاء العالم، فهو الذي أحاط علمه بجميع الأشياء في كل الأوقات، ولا يعرض لعلمه خفاء ولا نسيان» (١).
قال تعالى:{وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}[طه: ٧]، وقال تعالى:{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}[غافر:١٩]. يعني أن تنظر على وجه الخفاء الذي لا يدركه الناس ولكن الله يعلمه، فهو يعلم خائنة الأعين، ويعلم - جل وعلا - ما تُخفي الصدور من النيات الحسنة والنيات السيئة، بل يعلم ما توسوس به النفوس {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ}[ق: ١٦].