في ذلك ما دلنا على أن إذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم نعمة من الله يسبغها عليهم ورحمة من الله وفضل لم يبلغوها بمجرد حولهم وقوتهم» (١).
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث علي - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما زوجه فاطمة بعث معه بخميلة ووسادة من أدمٍ حشوها ليف، ورحيين وسقاء وجرتين، فقال علي لفاطمة ذات يوم: والله لقد سنوت حتى قد اشتكيت صدري، قال: وقد جاء الله أباك بسبيٍ، فاذهبي فاستخدميه، فقالت: وأنا والله قد طحنت حتى مجلت يداي، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما جاء بك أي بُنية؟ قالت: جئت لأسلم عليك، واستحيت أن تسأله ورجعت، فقال: ما فعلت؟ قالت: استحييت أن أسأله، فأتيناه جميعًا، فقال علي: يا رسول الله، والله لقد سنوت حتى اشتكيت صدري، وقالت فاطمة: قد طحنت حتى مجلت يداي، وقد جاءك الله بسبي وسعة فأخدمنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وَاللَّهِ لَا أُعْطِيكُمَا وَأَدَعُ أَهْلَ الصُّفَّةِ تَطْوَى بُطُونُهُمْ لَا أَجِدُ مَا أُنْفِقُ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنِّي أَبِيعُهُمْ وَأُنْفِقُ عَلَيْهِمْ أَثْمَانَهُمْ». فرجعا، فأتاهما النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد دخلا في قطيفتهما، إذا غطت رؤوسهما تكشفت أقدامهما، وإذا غطيا أقدامهما تكشفت رؤوسهما، فثارا، فقال:«عَلَى مَكَانِكُمَا»، ثم قال:«أَلَا أُخْبِرُكُمَا بِخَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَانِي؟»