هناك. فانصرف ولم يكلمه ودخل أوس على امرأته مغضبًا، وكانت من عبس، فقالت: من رجل واقف عليك فلم يطل، ولم تكلمه؟ قال: ذاك سيد العرب الحارث بن عوف. قالت: فما بالك لم تستنزله؟ قال: إنه استحمق! قالت: وكيف؟ قال: أتاني خاطبًا! قالت: أفتريد أن تزوج بناتك؟ قال: نعم، قالت: فإذا لم تزوج سيد العرب فمن؟ قال: قد كان ذلك، قالت: فتدارك ما كان منك. قال: بماذا؟ قالت: تلحقه فترده. قال: كيف وقد فرط مني؟ قالت: قل له: لقيتني مغضبًا بأمر لم تقدم فيه قولًا، فلم يكن عندي فيه من الجواب إلا ما سمعت، عد ولك عندي كل ما أحببت، فإنه سيفعل .. فركب في إثرهما. قال خارجة بن سنان: فواللَّه إني لأسير مع الحارث إذ حانت مني التفاته فرأيت أوسًا، فأقبلت على الحارث - وما يكلمني غمًّا - فقلت له: أوس بن حارثة في إثرنا. قال: وما نصنع به؟ امض. فلما رآنا لا نقف عليه، صاح: حارث، أربع علي ساعة، فكلمته بذلك الكلام، فرجع مسرورًا، ودخل أوس منزله، وقال لزوجته: ادعي لي فلانة - يقصد أكبر بناته -. فأتته. فقال: يا بنية، هذا الحارث ابن عوف سيد من سادات العرب، قد جاءني خاطبًا وقد أردت أن أزوجك منه، فما تقولين؟ قالت: لا تفعل؟ فإني امرأة في وجهي ردة - قبح -، وفي خُلقي بعض الحدة - العيب -، ولست بابنة عمه فيرعى رحمي، وليس بجارك في البلد فيستحي منك، ولا آمن أن يرى مني ما يكره فيطلقني.