للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر لي من الشرف ما لا أراه فيك؟ قلت: وكيف؟ قالت: أتفرغ للنساء، والعرب تقتل بعضها بعضًا!! (المقصد: كانت الحرب في بدايتها بين عبس وذبيان). قلت: فيكون ماذا؟ قالت: اخرج إلى القوم فأصلح بينهم، ثم ارجع إلى أهلك فإنه لن يفوتك ما تريد. فقال الحارث: اخرج بنا يا خارجة، فخرجنا حتى أتينا القوم فمشينا بينهم بالصلح فاصطلحوا على أن يحتسبوا القتلى، عن كل رجل دية، فحملنا ثلاثة آلاف بعير في ثلاث سنين، وانصرفنا بأجمل الذكر، فمدح زهير بن أبي سُلمى الحارث بالقصيدة المشهورة:

أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَةٌ لَمْ تَكَلَّمِ ... بِحَوْمَانَةِ الدَّرَّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ (١)

روى القاضي المعافى بن زكريا بسنده إلى الشعبي قال: قال لي شريح: يا شعبي عليكم بنساء بني تميم فإنهن النساء! قلت: وكيف ذاك؟ فقال: رجعت يومًا من جنازة متطهرًا فمررت بخباء، فإذا بعجوز معها جارية رؤود (٢) فاستسقيت، فقالت: اللبن أعجب إليك أم الماء؟ فقلت: اللبن أعجب إلي، فقالت: يا بنية اسقيه لبنًا فإني أظنه غريبًا، فسقتني فلما شربت قلت: من هذه الجارية؟ فقالت: هذه زينب بنت حدير إحدى نساء بني تميم، ثم من بني


(١). التذكرة الحمدونية (٢/ ٣٨).
(٢). في مقتبل شبابها.

<<  <  ج: ص:  >  >>