للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ» (١).

وهذا هو الغبطة، وسماه حسدًا من باب الاستعارة، وقسم آخر إذا وجد من نفسه الحسد سعى في إزالته، وفي الإحسان إلى المحسود بإسداء الإحسان إليه، والدعاء، ونشر فضائله، وفي إزالة ما وجد له في نفسه من الحسد حتى يُبْدله بمحبة أن يكون أخوه المسلم خيرًا منه، وأفضل، وهذا من أعلى درجات الإيمان، وصاحبه هو المؤمن الكامل الذي يحب لأخيه ما يحب لنفسه. اهـ (٢)، قال ابن سيرين: «ما حسدت أحدًا على شيء من أمر الدنيا؛ لأنه إن كان من أهل الجنة فكيف أحسده على الدنيا وهي حقيرة في الجنة؟ ! وإن كان من أهل النار فكيف أحسده على أمر الدنيا وهو يصير إلى النار؟ ! ». اهـ.

وقال أبو الدرداء: «ما أكثر عبد ذكر الموت إلا قل فرحه وقل حسده». وقال ابن عباس: «إني لأمر على الآية من كتاب الله، فأود أن الناس كلهم يعلمون منها ما أعلم»، وقال معاوية - رضي الله عنه -: «كل الناس أقدر على رضاه إلا حاسد نعمة، فإنه لا يرضيه إلا زوالها»، ولذلك قيل:

كُلُّ العداواتِ قد تُرْجَى إِماتَتُهَا ... إلا عدَاوَة من عادَاكَ عن حَسَد

وقال آخر:

أيا حاسداً لِي عَلى نعْمَتي ... أَتدْرِي على مَن أسَأت الأدبَ

أَسَاتَ على اللهِ في حُكْمِهِ ... لأنك لم تَرْضَ لِي ما وَهَبَ

فَأَخْزَاكَ رَبِّي بأن زَادَني ... وَسَدَّ عَلَيكَ وجوهَ الطَلَب

روى الترمذي في سننه من حديث الزبير بن العوام - رضي الله عنه -: أن


(١) صحيح البخاري برقم (٥٠٢٥)، وصحيح مسلم برقم (٨١٥).
(٢) جامع العلوم والحكم، (ص: ٢٦٠ - ٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>