الذكرى مقبولة والموعظة مسموعة سواء حصل من الذكرى جميع المقصود أو بعضه، ومفهوم الآية أنه إن لم تنفع الذكرى بأن كان التذكير يزيد في الشر أو ينقص من الخير لم تكن مأمورًا بها، بل منهيًّا عنها، فالذكرى ينقسم الناس فيها قسمين: منتفعين وغير منتفعين.
قوله تعالى: {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (١٠)} أي هؤلاء هم المنتفعون، أي سينتفع بهذا التذكير والموعظة من يخاف الله. والخشية نوع من الخوف لكن يصاحبها تعظيم للمخوف منه وعلم به؛ فهي أخص من الخوف.
قوله تعالى: {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١)} أي البالغ الشقاوة وهو الكافر، كما قال تعالى:{فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ}[سورة هود، آية رقم: ١٠٦]، والشقاوة ضد السعادة، قال تعالى: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (١٠٥)} [سورة هود، آية رقم: ١٠٥]. وحقيقة الشقاوة مقاساة أنواع الآلام الجسدية والنفسية، وأعظم ذلك ما يكون لأهل النار.
قوله تعالى: {الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (١٢)} أي العظمى وهي نار الآخرة، فيدخلها ويقاسي حرها، وسمَّاها كبرى بالنسبة إلى نار الدنيا، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ