قوله تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦)} أي لا تفعلون ما ذكر من التزكي والذكر والصلاة مما هو سبب الفلاح بل تفضلون الحياة الدنيا على الآخرة.
قوله تعالى: {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧)} والحال أن الآخرة خير، لما فيها من النعيم المقيم والسرور الدائم، ولا يلحقها زوال، خلافًا للدنيا فإنها فانية، فكيف يقدم الفاني على الباقي؟
روى ابن جرير في تفسيره عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قرأ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} فلما وصل إلى قوله تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦)} ترك القراءة وأقبل على أصحابه وقال: آثرنا الدنيا على الآخرة، فسكت القوم، فقال: آثرنا الدنيا لأنا رأينا زينتها ونساءها وطعامها وشرابها، وزويت عنا الآخرة، فاخترنا هذا العاجل وتركنا الآجل.
قال ابن كثير - رحمه الله -: «وهذا منه على وجه التواضع والهضم، أو هو إخبار عن الجنس من حيث هو والله أعلم»(١).
قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (١٩)} أي ما تقدم من قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤)} إلى
(١). تفسير ابن كثير - رحمه الله - (١٤/ ٣٢٦)، وتفسير ابن جرير (١٠/ ٨٥٩٦).