للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما فضله على الآباء ببركة دعاء الأبناء، فقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِن اللهَ عز وجل لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الجَنَّةِ، فَيَقُوْلُ: يَا رَبِّ أَنَّى لِي هَذِهِ؟ فَيَقُوْلُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ» (١) (٢).

وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَاّ مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَاّ مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَو عِلمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» (٣).

قوله تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: ٢١]؛ لما أخبر تعالى عن مقام الفضل، ورفع درجة الذرية إلى منزلة الآباء من غير عمل يقتضي ذلك، أخبر تعالى عن مقام العدل، وهو أنه لا يؤاخذ أحدًا بذنب أحد، فقال: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} أي: مرتهن بعمله لا يحمل عليه ذنب غيره، سواءً كان أبًا أو ابنًا، كما قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَاّ أَصْحَابَ اليَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ المُجْرِمِينَ} [المدثر: ٣٨ - ٤١].

ومن فوائد الآية الكريمة:

أولاً: أنها قيدت إلحاق ذرية المؤمن إلى درجته في الجنة بالإيمان، أما إذا كانت على غير الإيمان، فإنها لا تنتفع بصلاح الآباء، والأبناء، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي


(١) المصدر السابق (١٣/ ٢٣٢).
(٢) (١٦/ ٣٥٦ - ٣٥٧) برقم (١٠٦١٠)، وقال محققوه: إسناده حسن، وقال ابن كثير في تفسيره (١٣/ ٢٣٢): إسناده صحيح.
(٣) برقم (١٦٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>