للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَا يَزَالُ قَلْبُ الْكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ: فِي حُبِّ الدُّنْيَا، وَطُولِ الأَمَلِ» (١).

فالأمل لا ينفك عنه أكثر الخلق، ولولا الأمل ما تهنى أحد بعيش أبدًا، قال الشاعر:

أُعَلِلُ النَّفسَ بِالآمَالِ أَرقُبُهَا ... مَا أَضيقَ العَيشَ لَولَا فُسحَةُ الأَمَل

قال ابن الجوزي: الأمل مذموم للناس إلَاّ للعلماء فلولا أملهم لما صنفوا ولا ألَّفوا (٢).

قال ابن حجر: وفي الأمل سر لطيف؛ لأنه لولا الأمل ما تهنى أحد بعيش، ولا طابت نفسه أن يشرع في عمل من أعمال الدنيا، وإنما المذموم منه الاسترسال فيه، وعدم الاستعداد لأمر الآخرة، فمن سلم من ذلك لم يكلف بإزالته (٣).

فالعاقل من لم يغرَّه طول الأمل، ولم يُنسِه ما هو فيه من النعيم ما وعد الله به كل حي، قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَاّ مَتَاعُ الغُرُورِ} [آل عمران: ١٨٥].

روى البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَنْكِبِي فَقَالَ: «كُنْ فِي الدُّنيا كأَنَّكَ غَريبٌ، أو عَابِرُ سَبيلٍ».

«وكَانَ ابْنُ عُمَر يَقُوْلُ: إِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاح، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ» (٤).


(١) صحيح البخاري برقم (٦٤٢٠)، وصحيح مسلم برقم (١٠٤٦).
(٢) فتح الباري (١١/ ٢٣٧).
(٣) فتح الباري (١١/ ٢٣٧).
(٤) البخاري برقم (٦١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>