للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينقلب ذلك قوة وثباتًا وطمأنينة، فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل، فآتاهم من طيبها وريحها ما استفرغ قواهم لطلبها، والمسابقة إليها» (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «إن في الدنيا لجنَّة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة» (٢).

وقال أيضًا عندما قيل له: إن السلطان قد أمر بنفيك إلى قبرص أو قتلك، أو سجنك، فقال: «والله إن بي من الفرح والسرور ما لو قسم على أهل الشام لوسعهم، والله إني كالغنم لا تنام إلا على صوف، إن نفيت إلى قبرص دعوت أهلها إلى الإسلام».

ويقول أحد السلف: «إنه لتمر بي أوقات أقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب»، ويقول آخر: «لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف».

ثانيًا: من أسباب السعادة الإيمان بقضاء الله وقدره، فإن الإنسان إذا آمن بالقضاء والقدر، أحس براحة نفسية، وانشراح صدر بما وقع له، وإن كان مما يكره، فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان الستة.

روى أبو داود في سننه من حديث ابن الديلمي عن أُبي بن كعب أنه قال: «لو أن الله عَذَّبَ أَهْل سَماواته وأَهلَ أَرْضه عَذَّبَهُم وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُم، وَلَو رَحمهُم كَانَت رَحْمَتُهُ خيراً لهم من أعْمالهم، ولو أنْفَقت مِثْلَ أُحدٍ ذَهباً في سبيل اللهِ مَا قَبِلَهُ الله مِنْك حتى تُؤْمن بالقدر، وتَعلَم أن ما أصابَك لم يكن لِيُخْطِئكَ وأن ما أَخطأك لم يكُن ليُصيبك فلو مُتَّ على


(١) الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص: ٨٢).
(٢) المصدر السابق نفسه (ص: ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>