للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُمكَّن حتى يُبتَلَى، فإن الله ابتلى نوحًا وإبراهيم ومحمدًا صلوات الله عليهم أجمعين، فلما صبروا مكنهم الله فلا يظن أحد أن يخلص من الألم البتة. اهـ (١).

قال تعالى: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: ٥٥].

قال ابن القيم رحمه الله: والله أسأل أن يجعلكم ممن إذا أنعم عليه شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، فإن هذه الأمور الثلاثة عنوان سعادة العبد، وعلامة فلاحه في دنياه وأخراه، ولا ينفك عبد عنها أبدًا، فإن العبد دائم التقلب بين هذه الأطباق الثلاثة. اهـ (٢).

والمؤمن يصيبه البلاء تكفيرًا لسيئاته، ورفعة لدرجاته، وحتى يتميز الخبيث من الطيب، وغير ذلك من الحكم.

روى البخاري في صحيحه من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يوعك وعكًا شديدًا، فمسسته بيدي، فقلت: يا رسول الله، إنك لتوعك وعكًا شديدًا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَجَل، إِنِّي أُوَعَكُ كَمَا يُوَعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُم»، فقلت: ذلك أن لك أجرين؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَجَل» ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ، إِلَاّ حَطَّ اللهُ لَهُ سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا» (٣).

وروى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن


(١) الفوائد لابن القيم (ص: ٢٣٢ - ٢٣٣).
(٢) الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص: ٣).
(٣) برقم (٥٦٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>