للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَاّ القَوْمُ الفَاسِقُونَ} [الأحقاف: ٣٥].

وقال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ المُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ} [الروم: ٥٥].

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - من أكثر الناس قناعة وزهدًا في الدنيا، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لعروة ابن أختها: «إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَارٌ. فَقُلْتُ: مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالَتِ: الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إِلَاّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَبْيَاتِهِمْ، فَيَسْقِينَاهُ» (١). روى البخاري في صحيحه من حديث عمرو بن الحارث قال: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَماً وَلَا دِينَاراً وَلَا عَبْداً وَلَا أَمَةً وَلَا شَيْئاً إِلَاّ بَغْلَتَهَ البَيْضَاءَ وَسِلَاحَهُ وَأَرْضاً جَعَلَهَا صَدَقَةً (٢).

بل إنه عليه الصلاة والسلام توفي ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير (٣).

وأوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة من الأنصار أن يكون بلاغ أحدهم من الدنيا كزاد الراكب، ووصى ابن عمر أن يكون في الدنيا كأنه غريب أو عابر سبيل، وقال لأبي هريرة: «ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبُّكَ اللهُ، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ» (٤).

قال ابن القيم رحمه الله: والزهد زهد في الحرام، وهو فرض عين،


(١) صحيح البخاري برقم (٦٤٥٩)، وصحيح مسلم برقم (٢٩٧٢).
(٢) برقم (٢٧٣٩).
(٣) صحيح البخاري برقم (٤٤٦٧).
(٤) ابن ماجه في سننه برقم (٤١٠٢) وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (٩٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>