للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً: أنه تغيير لخلق الله، قال تعالى حاكيًا عن إبليس لعنه الله: {وَلآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الأَنْعَامِ وَلآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ} [النساء: ١١٩].

فالواجب على المسلم أن لا يتعرض لشيء مما خلقه الله بالتغيير، إلا ما أذن الشرع في أخذه، مثل شعر الرأس، والشارب، والإبطين، والأظافر، وغير ذلك مما أذن فيه الشرع، وإذا كانت المرأة التي تقوم بنتف الحاجبين، وتفليج الأسنان للحسن، قد لعنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما ورد في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: «لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ، وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ» ما لي لا ألعن من لعن رسول الله وهو في كتاب الله (١).

وعلة ذلك أنها غيرت خلق الله، مع أنه مباح لها الزينة، فالرجل من باب أولى، قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: ٣٠].

ثانيًا: أن اللحية من سنن الفطرة، روى مسلم في صحيحه من حديث عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ ... وذكر منها: قَصَّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ» (٢).

ثالثًا: أن في حلقها مخالفة للأحاديث الصحيحة الموجبة لإعفائها، وهي كثيرة، ومقتضى الأمر الوجوب ما لم يأت صارف عن هذا الأمر، فدل على أن إعفاءها أمر واجب على كل مسلم، قال


(١) صحيح البخاري برقم (٥٩٤٣)، وصحيح مسلم برقم (٢١٢٥).
(٢) برقم (٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>