للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في بعض الأمر، وهو عداوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، والتثبيط عن الجهاد، ونحو ذلك.

والتحقيق الذي لا شك فيه أن هذه الآيات عامة في كل ما يتناوله لفظها، وأن كل ما فيها من الوعيد عام لمن أطاع من كره ما نزل الله (١).

القسم الثاني: النفاق العملي، وهو خمسة أنواع:

روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ»، وقال مسلم في صحيحه: «إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ» مكان «إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» (٢).

وقد ذكر ابن رجب أن من النفاق العملي أن يظهر الإنسان علانية صالحة، ويبطن ما يخالف ذلك (٣).

ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم لسعة علمهم، وعميق إيمانهم، يخشون على أنفسهم من النفاق، قال البخاري رحمه الله في صحيحه، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: «مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَاّ خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا». وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: «أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ»، وَيُذْكَرُ عَنِ الْحَسَنِ رحمه الله أَنَّهُ قَالَ: مَا خَافَهُ إِلَاّ مُؤْمِنٌ، وَلَا أَمِنَهُ إِلَاّ مُنَافِقٌ، وَمَا يُحْذَرُ مِنَ الإِصْرَارِ عَلَى النِّفَاقِ وَالْعِصْيَانِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلَمْ


(١) انظر: أضواء البيان (٥/ ١٤٨).
(٢) البخاري برقم (٣٤)، ومسلم برقم (٥٨).
(٣) جامع العلوم والحكم (٢/ ٤٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>