للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها، وصدق الله إذ يقول: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ} [الدخان: ٢٥ - ٢٨]، وقال تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر: ٢].

القسم الثالث: ظلم العبد نفسه بالمعاصي والذنوب، قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الفَضْلُ الكَبِيرُ} [فاطر: ٣٢].

وقال تعالى عن نبيه موسى عليه السلام: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ} [القصص: ١٦].

وهذا النوع من الظلم - وهو ظلم العبد نفسه بالمعاصي والذنوب التي دون الشرك - فإن صاحبه تحت مشيئة الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له وستره.

روى البخاري ومسلم من حديث ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ اللهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: ١٨]» (١).

ويجب على المؤمن أن يحرص على براءة ذمته من حقوق الآخرين، وأن يتحلل منهم قبل يوم القيامة، حيث لا درهم ولا دينار،


(١) البخاري برقم (٢٤٤١)، ومسلم برقم (٢٧٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>