للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» (١).

قال ابن حجر: والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة أنها مكان لاجتماع أمهات العبادة فيها، وهي الصلاة، الصيام، الصدقة، الحج، ولا يتأتى ذلك في غيرها (٢)، وقال ابن رجب: لما كان الله سبحانه وتعالى قد وضع في نفوس المؤمنين حنينًا إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كل أحد قادرًا على مشاهدته في كل عام، فرض على المستطيع الحج مرة واحدة، في عمره، وجعل موسم العشر مشتركًا بين السائرين والقاعدين، فمن عجز عن الحج في كل عام قدر في العشر على عمل يعمله في بيته يكون أفضل من الجهاد (٣). اهـ.

ولا خلاف في تفضيل أيام العشر على بقية أيام السنة، لقوة النصوص في ذلك، والخلاف في الليالي، فقيل إن ليالي رمضان أفضل، وممن رجح ذلك ابن القيم، فقال: وبهذا التفصيل يزول الاشتباه، ويدل عليه أن ليالي العشر من رمضان، إنما فضلت باعتبار ليلة القدر، وهي من الليالي، وعشر ذي الحجة إنما فضل باعتبار أيامه، إذ فيه يوم النحر، ويوم عرفة، ويوم التروية (٤).

وينبغي لمن وفقه الله لمعرفة فضل هذه الأيام، وأمد له في عمره، أن يجتهد فيها بكثرة الأعمال الصالحة، فما هي إلا أيام معدودة ثم تنقضي، وكان السلف الصالح يجتهدون فيها، وكان سعيد بن جبير يجتهد فيها اجتهادًا عظيمًا، حتى ما يكاد يقدر عليه.


(١) مسلم برقم (١١٦٢) والترمذي برقم (٧٤٩) واللفظ له.
(٢) فتح الباري (٢/ ٤٦٠).
(٣) لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي (ص: ٣١٠).
(٤) زاد المعاد (١/ ٥٧) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>