للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلِ الأَرْضِ؟ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَهَلْ لَهُ مِنَ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَا. فَقَتَلَهُ، فَكَمَّلَ بِهِ مِئَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ؟ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِئَةَ نَفْسٍ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ » (١).

ومنها: أن الله تعالى يقذف لأهل العلم الربانيين هيبة ومحبة، وتقديرًا في قلوب الناس، فتجد الألسن تتابع في الثناء عليهم، والقلوب تتفق على احترامهم وتقديرهم، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: ٩٦].

ومنها: أن طلب العلم خير للمرء من متاع الدنيا، روى مسلم في صحيحه من حديث عقبة ابن عامر - رضي الله عنه - قال: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ، فَقَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ، فَيَاتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟ » فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، نُحِبُّ ذَلِكَ. قَالَ: «أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَيَعْلَمَ أَوْ يَقْرَأَ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللهِ عز وجل، خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ مِنْ ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإِبِلِ» (٢).

ووسائل طلب العلم كثيرة، كحضور الدروس العلمية للعلماء والمشايخ، والمحاضرات العامة، والكلمات في المساجد، وقراءة الكتب النافعة، والاستماع إلى الأشرطة المفيدة، وسؤال أهل العلم عما أشكل، وحفظ كتاب الله فهو رأس العلوم كلها. ولله دَرُّ الشافعي عندما قال:

كل العُلُومِ سِوَى القُرآنِ مَشغَلَةٌ ... إِلَاّ الحديثَ وعِلمَ الفِقْهِ فِي الدِّين


(١) صحيح البخاري برقم (٣٤٧٠)، وصحيح مسلم برقم (٢٧٦٦) واللفظ له.
(٢) برقم (٨٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>