للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بريًّا أو بحريًّا، كقوله: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَاّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِين (٦)} [هود]، أي: مُفصِح بأسمائها وأعدادها ومظانِّها، وحاصر لحركاتها وسكناتها، قال تعالى: {وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم (٦٠)} (١) [العنكبوت]، أي: لا تطيق جمعه وتحصيله، ولا تدَّخر شيئًا لغد، {اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ}، أي: اللَّه يُقَيِّض لها رزقها على ضعفها، وييسره عليها، فيبعث إلى كل مخلوق من الرزق ما يصلحه، حتى الذر في قرار الأرض، والطير في الهواء، والحيتان في الماء (٢).

قوله تعالى: {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون}: روى ابن أبي حاتم بسنده إلى ابن عباس رضي اللهُ عنهما أنه قال: «حشرها: الموت».

القول الثاني: إن حشرها هو بعثها يوم القيامة، كما قال تعالى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَت (٥)} [التكوير] روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي ذر رضي اللهُ عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَأَى شَاتَيْنِ تَنْتَطِحَانِ، فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، هَلْ تَدْرِي فِيمَ تَنْتَطِحَانِ»، قَالَ: لَا، قَالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِي وَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا» (٣).

وروى عبد الرزاق بسنده إلى أبي هريرة رضي اللهُ عنه أنه قال في قوله تعالى: {إِلَاّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون}، قال: يحشر اللَّه الخلق كلهم يوم القيامة: البهائم والدواب والطير،


(١) تفسير ابن كثير (٦/ ٣١).
(٢) تفسير ابن كثير (١٠/ ٥٢٦).
(٣) (٣٥/ ٣٤٥) برقم ٢١٤٣٨، وقال محققوه: حديث حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>