للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَب (٧) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب (٨)} [الشرح].

وكان عليه الصلاة والسلام يحث أصحابه على الهمة العالية والمسابقة إلى الدرجات العالية، روى مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي اللهُ عنه في غزوة بدر، قال: فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وَأَصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لَا يُقَدِّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى أَكُونَ أَنَا دُونَهُ»، فَدَنَا الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ»، قَالَ: يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ؟ ! قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: بَخٍ بَخٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ؟ ! » قَالَ: لَا، وَاللَّهِ! يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا، قَالَ: «فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا» فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ فَجَعَلَ يَاكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ، إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ، قَالَ: فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ (١).

ومن الأمثلة على الهمة العالية ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس قال: غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال: يا رسول اللَّه، غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن اللَّه أشهدني قتال المشركين ليرين اللَّه ما أصنع، فلما كان يوم أُحُد، وانكشف المسلمون، قال: اللَّهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني أصحابه - وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء - يعني


(١) ص: ٧٨٩، برقم (١٩٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>