للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَاكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ» (١)؛ والسخرية بالناس من سمات الكفار والمنافقين، وقد نُهينا عن التشبه بهم، قال تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَاّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم (٧٩)} [التوبة].

قال ابن كثير رحمه الله: «هذه أيضًا من صفات المنافقين لا يسلم أحد من عيبهم ولمزهم في جميع الأحوال، حتى المتصدقون لا يسلمون منهم؛ إن جاء أحدهم بمال كثير قالوا: مُراءٍ، وإن جاء بقليل قالوا: إن اللَّه لغني عن صدقة هذا» (٢). اهـ.

والسخرية تميت القلب وتورثه الغفلة، حتى إذا كان يوم القيامة ندم الساخر وتحسَّر على فعله، قال تعالى: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِين (٥٦)} [الزمر].

والسخرية من الناس عاقبتها وخيمة في الدنيا والآخرة، في الدنيا: قد يُبتَلَى الساخر بمثل ما سخر به، وفي الآخرة: عذاب اللَّه، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُون (٢٩) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُون (٣٠) وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِين (٣١)} [المطففين].

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا


(١) ص: ٢٩، برقم ٣٠.
(٢) تفسير ابن كثير (٧/ ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>