للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الليل إلى خربة (١) وفيها جماعة من السابلة (٢)، وبعضهم يقول لبعض: إن فضيلاً يقطع الطريق، فقال الفضيل: أوَّاه! أراني بالليل أسعى في معاصي اللَّه، قوم من المسلمين يخافونني: اللَّهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي إليك جوار بيتك الحرام (٣).

وقد توعَّد اللَّه أصحاب القلوب القاسية بالعذاب الأليم، وبيَّن أن قسوة القلب سبب للضلال وانغلاق القلب، فلا يخشع ولا يعي ولا يفهم، قال تعالى: {أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: ٢٢]، وهذه الآية كقوله عزَّ وجلَّ: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا} [الأنعام: ١٢٢].

قال الشاعر:

إذا قسا القلبُ لم تنفعهُ موعظة ... كالأرض إن سَبِخَت لم ينفَعِ المطرُ

قال مالك بن دينار: ما ضُرِب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب، وما غضب اللَّه على قوم إلا نزع الرحمة من قلوبهم.

وقد ذم اللَّه في كتابه قسوة القلب، وأخبر أنها مانع عن قبول الحق والعمل به، قال تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا


(١) خربة: موضع الخراب.
(٢) السابلة: المارون على الطرقات المترددون في حوائجهم.
(٣) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٢٠/ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>