للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقصر، فتارة تكون ذراعًا، وتارة أقل منه؛ فما قارب الذراع أجزأ الاستتار به، واللَّه أعلم؛ فأما قدرها في الغلظ والدقة فلا حد له نعلمه، فإنه يجوز أن تكون دقيقة كالسهم والحربة، وغليظة كالحائط، فإن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يستتر بالعَنَزَة، وهي ما بين الرمح والعصا وبه زج؛ قال أبو سعيد: كان يستتر بالسهم والحجر في الصلاة، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث الربيع بن سبرة عن أبيه: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «سُتْرَةُ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ السَّهْمُ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ بِسَهْمٍ» (١) (٢).

تنبيهات:

أولاً: ما يفعله بعض الناس من اتخاذ الخط سترة في الصحراء لا يصلح، والحديث الوارد في ذلك ضعفه جمع من أهل العلم: كابن الصلاح والعراقي وغيرهم.

ثانيًا: أن المأموم لا تجب عليه سترة، والسترة في صلاة الجماعة من مسؤولية الإمام، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عباس رضي اللهُ عنهما قال: «أقبلتُ راكبًا على حمار أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يصلي بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، وأرسلت الأتان ترتع، فدخلت في الصف، فلم ينكر ذلك أحد» (٣).

ثالثًا: تحريم المرور بين يدي المصلي: لقول النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في


(١) (٢٤/ ٥٩) برقم ١٥٣٤٢، وقال محققوه: إسناده حسن.
(٢) المغني (٣/ ٨٢ - ٨٣)، بتصرف.
(٣) ص: ٤٠ برقم ٧٦، وصحيح مسلم ص: ٢٠٦ برقم ٥٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>