للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملائكة آخرون لحفظ الأعمال من خير أو شر، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، فاثنان عن اليمين والشمال يكتبان الأعمال، صاحب اليمين يكتب الحسنات، وصاحب الشمال يكتب السيئات، وملكان آخران يحفظانه ويحرسانه، واحدًا من ورائه وآخر من قُدَّامه، فهو بين أربعة أملاك بالنهار، وأربعة آخرين بالليل بدلاً، حافظان وكاتبان (١).

روى مسلم في صحيحه من حديث عبد اللَّه بن مسعود رضي اللهُ عنه: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ»، قالوا: وإياك يا رسول اللَّه؟ قَالَ: «وَإِيَّايَ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلا يَامُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ» غير أن في حديث سفيان: «وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ، وقَرِينُهُ مِنَ المَلَائِكَةِ» (٢).

وقد اختلف في معنى «أَسلَمَ»؟ فقيل: المعنى استسلم وانقاد وذل، وقيل: المعنى أسلم من الإسلام، قال النووي: وهذا هو الظاهر، قال القاضي: واعلم أن الأمة مجتمعة على عصمة النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من الشيطان في جسمه وخاطره ولسانه اهـ (٣) فإن الجن فيهن المؤمن والكافر، والشياطين هم كفارهم، فمن آمن منهم لم يُسَمَّ شيطانًا. والذي ثبت بالنصوص: أن الملائكة تكتب القول والفعل والنية لأنها فعل القلب، فدخلت في عموم قوله تعالى: {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُون (١٢)} [الانفطار]. قال تعالى: {هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا


(١) تفسير ابن كثير (٨/ ١١٤ - ١١٥).
(٢) ص: ١١٣٢ برقم ٢٨١٤.
(٣) شرح صحيح مسلم (٦/ ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>