الحادي عشر: عفو أرحم الراحمين، كما قال تعالى:{وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}[النساء: ١١٦].
قال شارح الطحاوية: فإن كان ممن لم يشأ اللَّه أن يغفر له لعظم جرمه، فلا بد من دخوله إلى الكير أي:(النار)، ليخلص طيب إيمانه من خبث معاصيه؛ فلا يبقى في النار من في قلبه أدنى، أدنى، أدنى مثقال ذرة من إيمان، بل من قال: لا إله إلا اللَّه، كما تقدم من حديث أنس رضي اللهُ عنه في الصحيحين.
وإذا كان الأمر كذلك، امتنع القطع لأحد معيَّن من الأمَّة، غير من شهد له الرسول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالجنة. ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم، ويدخلهم الجنة برحمته، ولا نأمن عليهم - أي من مكر اللَّه -، ولا نشهد لهم بالجنة، ونستغفر لمسيئهم، ونخاف عليهم، ولا نقنطهم - أي من رحمة اللَّه - (١). اهـ.
وعلى ذلك، فقول بعض الناس: فلان لا يغفر اللَّه له، أو فلان من أفجر الناس: هو من أهل النار، أو فلان طيِّب، ورجل صالح: هو من أهل الجنة؛ كل هذه الألفاظ لا تجوز، لمخالفتها للنصوص الشرعية، ولعقيدة أهل السنة والجماعة.
روى أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: «كَانَ رَجُلَانِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مُتَوَاخِيَيْنِ، فَكَانَ أَحَدُهُمَا يُذْنِبُ وَالْآخَرُ مُجْتَهِدٌ فِي الْعِبَادَةِ، فَكَانَ لَا يَزَالُ الْمُجْتَهِدُ