للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي آخر الحديث: «فَيَقُولُ اللَّهُ: فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، قَالَ: يَقُولُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ: فِيهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ، إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ، قَالَ: هُمُ الْجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ» (١).

يقول عمر: «لولا ثلاث، ما أحببت العيش في هذه الحياة الدنيا: ظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات من الليل، ومجالسة أقوام ينتقون أطايب الكلام، كما ينتقى أطايب التمر».

وكم من شخص اهتدى، وأصبح من المحافظين على الصلاة، وترك مجالسة السوء، وتوجَّه إلى الدعوة؟ ! كل ذلك: بفضل اللَّه، ثم الرفقة الصالحة.

روى الترمذي في سننه من حديث أبي سعيد رضي اللهُ عنه: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَاكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ» (٢).

قال الخطابي: إنما جاء هذا في طعام الدعوة دون طعام الحاجة، وذلك أن اللَّه سبحانه قال: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨)} [الإنسان] ومعلوم أن أسراءهم كانوا كفاراً غير مؤمنين ولا أتقياء، وإنما حذر عليه السَّلام من صحبة من ليس بتقي، وزجر عن مخالطته ومؤاكلته، فإن المطاعمة توقع الألفة والمودة في القلوب (٣).

ومن الآثار المترتبة على مجالسة أهل السوء، وهي كثيرة:


(١) ص: ١٢٣٠ برقم ٦٤٠٨، وصحيح مسلم ص: ١٢٣٠ برقم ٢٦٨٩.
(٢) ص: ٣٩٢ - ٣٩٣، برقم ٢٣٩٥.
(٣) عون المعبود شرح سنن أبي داود (١٣/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>