للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذم اللَّه تعالى أصحاب العقول الغافلة عن دينه، فقال: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُون (٢٢)} [الأنفال].

وقال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَانَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَاّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَاّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَاّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُون (١٧٩)} [الأعراف].

فإذا فَقَدَ الإنسان العقل السليم الذي يقوده إلى الخير ويبعده عن الشر، فقد أصبح كالبهيمة التي تأكل وتشرب ولا تعقل شيئًا، بل إنها خير منه: كما في الآية الكريمة السابقة، روى الحاكم في المستدرك من حديث سهل بن سعد رضي اللهُ عنه: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «إنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الكَرَمَ، وَيُحِبُّ مَعَالِيَ الأَخلَاقِ، وَيَكرَهُ سِفسَافَهَا» (١) أي: دنيئها وخسيسها.

قال ابن حبان: وإن محبة المرء المكارم من الأخلاق وكراهته سفسافها هو نفس العقل، فالعقل به يكون الحظ، ويؤنس الغربة، وينفي الفاقة، ولا مال أفضل منه، ولا يتم دين أحد حتى يتم عقله، وهو من أفضل مواهب اللَّه لعباده، وهو دواء القلوب، ومطيَّة المجتهدين، وبذر حراثة الآخرة، وتاج المؤمن في الدنيا، وعدته في وقوع النوائب؛ ومن عُدِمَ العقلَ لم يزده السلطان عزًّا، ولا المال يرفعه قدرًا، ولا عقل لمن أغفله عن أخراه ما يجد من لذة دنياه (٢). اهـ.


(١) (١/ ٦٤)، وصححه الألباني رحمه الله في «صحيح الجامع الصغير» (١/ ٣٨٤) برقم ١٨٨٩.
(٢) روضة العقلاء ونزهة الفضلاء/ ص: ١٦ - ١٩، باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>