إفريقية، وفيهم القائم، وتلقب مؤنس الخادم من حينئذ بالمظفر، لغلبته عساكر المغرب غير مرة.
فلما كانت سنة خمس عشرة وثلاثمائة سير المهدي ابنه أبا القاسم من المهدية إلى المغرب في جيش كثير، في صفر، بسبب خارجي خرج عليه، وقتل خلقا، فوصل إلى ما وراء تاهرت.
وعاد فخط برمحه في الأرض صفة مدينة سماها المحمدية، وكانت خطة لبني كملان، فأخرجهم منها إلى فحص القيروان، كالمتوقع منهم أمراً، فلذلك أحب أن يكونوا قريبا منه، وهم كانوا أصحاب أبي يزيد الخارجي.
وكان المهدي يشبه في خلفاء بني العباس بالسفاح، فإن السفاح خرج من الحميمة بالشام، يطلب الخلافة والسيف يقطر دما، والطلب مراصد، وأبو سلمة الخلال يؤسس له الأمر، ويبث دعوته؛ وعبيد الله خرج من سلمية في الشام، وقد أذكيت العيون عليه، وأبو عبد الله الشيعي ساع في تمهيد دولته، وكلاهما تم له الأمر، وقتل من قام بدعوته.
وانتقل كثير من الناس إلى المحمدية، وأمر عاملها أن يكثر من الطعام، ويخزنه ويحتفظ به، ففعل ذلك، فلم يزل مخزونا حتى خرج أبو يزيد، ولقيه المنصور بن القائم بن المهدي، ومن المحمدية كان يمتار ما يريد إذ ليس بالموضع مدينة سواها.
فلما كان يوم الاثنين الرابع عشر، وقيل وقت صلاة المغرب ليلة الثلاثاء النصف من ربيع الأول، سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة توفي أبو محمد عبيد الله المهدي بالمهدية، وأخفى ابنه أبو القاسم موته سنةً لتدبير كان له، فإنه كان يخاف الناس إذا علموا بموت المهدي.