للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان عبد الله بن ميمون يريد بهذا فى الباطن أن يجعل المخدوعين أمة له يستمد من أموالهم بالمكر والخديعة، وأما فى الظاهر فإنه يدعو إلى الإمام من آل البيت: محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، ليجمع الناس بهذه الحيلة.

وكان عبد الله بن ميمون هذا أراد أن يتنبأ فلم يتم له، وأصله من موضع بالأهواز (١) يعرف «بقورج العباس (٢)»، ثم نزل «عسكر مكرم (٣)» وسكن «ساباط» أبى نوح (٤) فنال بدعوته مالا، وكان يتستر بالتشيع والعلم، وصار له دعاة، فظهر ما هو عليه من التعطيل والإباحة والمكر والخديعة، فثارت به الشيعة والمعتزلة (٥)، وكسروا (٦) داره، ففرّ إلى البصرة ومعه رجل من أصحابه يعرف بالحسين الأهوازى، فادعى أنه من ولد عقيل (٧) بن أبى


(١) يقال ان الأهواز جمع هوز، وأصله حوز، والحوز فى الأرضين أن يتخذها رجل ويبين حدودها فيستحقها فلا يكون لأحد فيها حق، ولما كثر استعمال الفرس لهذه اللفظة غيرتها لأنه ليس فى كلامهم حاء مهملة، فاذا تكلموا بكلمة فيها حاء قلبوها هاء، وقد كان اسمها فى أيام الفرس خوزستان، ويقال فى رأى آخر انما كان اسمها بالفارسية الأخواز فعربت الى الأهواز، والأهواز - كما قال ياقوت فى معجمه - سبع كور بين البصرة وفارس، وذكر أنها فتحت على يد حرقوص بن زهير بتأمير عتبة بن غزوان اياه، سيره اليها فى أيام تمصيره البصرة وولايته عليها، وقال البلاذرى: غزا المغيرة بن شعبة سوق الأهواز فى ولايته بعد أن شخص عتبة بن غزوان من البصرة فى آخر سنة ١٥ هـ أو أول سنة ١٦ فقاتله البيروان دهقانها ثم صالحه على مال، ثم نكث فغزاها أبو موسى الأشعرى حين ولاه عمر البصرة بعد المغيرة ففتح الأهواز عنوة. انظر: (ياقوت: معجم البلدان).
(٢) لم أجد فى المراجع التى بين يدى تعريفا لموضع هذا البلد.
(٣) عسكر مكرم بلد من نواحى خوزستان، منسوب الى مكرم بن معزاء الحارث صاحب الحجاج بن يوسف، وقد نسب اليها قوم من أهل العلم منهم العسكريان أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد بن اسماعيل بن زيد بن حكيم اللغوى، أخذ عن ابن دريد وأقرانه، والحسن ابن عبد الله أبو هلال العسكرى. انظر: (معجم البلدان لياقوت).
(٤) صيغة ابن النديم: «فنزل عسكر مكرم فكبس بها، فهرب منها، فنقضت له داران فى موضع يعرف بساباط أبى نوح، فبنيت احداهما مسجدا، والأخرى خراب الى الآن».
(٥) للتعريف بالمعتزلة وفرقها انظر مثلا: (الشهرستانى: الملل والنحل، ج ١، ص ١٢٢ - ١٢٤)، (الرازى: اعتقادات، ص ٣٨ - ٤٥).
(٦) (ج): «وكبسوا»
(٧) لاحظ هذا النص حيث يقول ان عبد الله بن ميمون ادعى أنه من ولد عقيل، والمقريزى هنا ينقل عن ابن رزام، وعن نفس المرجع ينقل ابن النديم فى الفهرست، ولكن صيغة الفهرست ص ٢٦٤: «وسار الى البصرة، فنزل على قوم من أولاد عقيل بن أبى طالب» وهى أوثق لأن ابن النديم ينقل نص ابن رزام بلفظه، وقال النويرى نقلا عن أخى محسن ان عبد الله بن ميمون فر الى البصرة عند قبيلة باهلة من أتباع عقيل بن أبى طالب، وعن عقيل وأخباره انظر: (ابن قتيبة: المعارف، ص ٨٨).