للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما كان الليل أحرق من باب سعادة إلى ناحية اللؤلؤة، كما فعل أولا، واشتد الأمر، وصار كل من يخرج من عسكر مصر يقتل. فركب شاور وخرج ثم عاد وقد ازدحم الناس على السور لتنظر إلى الحرب، فسقطت شرفة من شرفات السور على ابن شاور وغشى عليه، ودخلوا به إلى الكافوري وقد أيس منه؛ فجاء رئيس الأطباء وعصر في أذنه حصرما فأفاق. وأتاه الشراب من عند الخليفة فشربه وركب إلى داره وقد ورم وجهه.

واشتد قتال شيركوه على باب القنطرة وأحرق وجه الخليج جميعه، واحترقت الدور التي بجانبه من حارة زويلة. وانضم إليه بنو كنانة وكثير من عسكر المصريين. وبعث طائفة إلى حارة الريحانية وفتحوا ثغرة، فكان هناك قتال شديد. فجلس العاضد على باب الذهب وأمر بالخروج، فتسارع الصبيان وغيرهم إلى الثغرة وقاتلوا الترك والكنانية حتى أوصلوهم إلى منازلهم، وسدوا الثغرة.

وكان ضرغام عند قدوم شاور وشيركوه أرسل إلى الفرنج يستنجد بهم ويعدهم بزيادة القطيعة التي لهم، فامتنع ملكهم وقال لا يأتي إلا بأمر الخليفة وأما من الوزراء فلا يقبل فلما تحقق شاور أنه لا قبل له بشيركوه كتب إلى مري ملك الفرنج بالساحل يستنجده ويخوفه من تمكن عسكر نور الدين من مصر، ويقول له متى استقروا في البلاد قلعوك كما يريدون أن يفعلوا؛ وضمن له مالاً وعلفاً، ويقال إنه جعل له عن كل مرحلة يسيرها ألف دينار؛ وسير إليه بذلك مع ظهير الدين بدران. فسر الفرنج بذلك وطمعوا في ملك مصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>