وثلثه مسوق وثلثه صالح وقال ما جعل الله أبا تمام من الشعراء: بل شعره بالخطب والكلام المنثور أشبه منه بالشعر: وقال ابن الأعرابي في شعر أبي تمام إن كان شعراً فكلام العرب باطل وهذا محمد بن يزيد المبرد ما علمناه دون له كبير شيء.
(صاحب أبي تمام) إن دعبلاً كان يشنأ أبا تمام ويحسده على ما هو معروف ومشهور فلا يقبل قول شاعر في شاعر وإما ابن الأعرابي فكان شديد التعصب عليه لغرابة مذهبه ولأنه كان يرد عليه من معانيه ما لا يفهمه ولا يعلمه فكان إذا سئل عن شيء منها بأنف أن يقول لا أدري فيعدل إلى الطعن عليه ولا مانع أن يكون جميع من تذكرونه على هذا القياس.
(صاحب البحتري) لا عيب على ابن الأعرابي في طعنه على شاعر عدل في شعره عن مذاهب العرب إلى الاستعارات البعيدة المخرجة للكلام إلى الخطأ والإحالة والعيب في ذلك يلحق أبا تمام إذ عدل عن المحجة إلى طريقة يجهلها ابن الأعرابي وأمثاله من المضطلعين بالسليقة العربية.
(صاحب أبي تمام) إن العلم في شعر أبي تمام أظهر منه في شعر البحتري والشاعر العالم أفضل من الشاعر غير العالم.
(صاحب البحتري) كان الخليل بن أحمد عالماً شاعراً وكان الأصمعي شاعراً عالماً وكان الكسائي كذلك وكان خلف بن حيان الأحمر أشعر العلماء وما بلغ بهم العلم طبقة من كان في زمانهم من الشعراء غير العلماء والتجويد في الشعر ليست علته العلم: والشائع المشهور أن شعر العلماء دون شعر الشعراء وقد كان أبو تمام يعمل على أن يدل في شعره على علمه باللغة وكلام العرب.
أم البحتري فلم يقصد هذا ولا اعتمده ولا كان يعده فضيلة ولا يراه علماً بل كان يرى أنه شاعر لا بد له أن يقرب شعره من فهم سامعه فلا يأتي بالغريب إلا أن يتفق له في اللفظة بعد اللفظة في موضعه من غير طلب له ولا حرص عليه. على أن هذا العلم