فيقال له كون وجود الشيء لا من نفسه ولا من غيره، هو مما يعلم فساده بالضرورة والأمور المعلومة الفساد بالضرورة لا يجب على كل مستدل تقديرها ونفيها، فإن هذا لا غاية له، وإنما يذكر الإنسان من ذلك ما قد قيل أو خطر بالبال، فأما الذهن والصحيح الذي يعلم بالضرورة فساد مثل هذا التقدير، فهو لا يورده على نفسه ولا يورده عليه غيره وإنما يقع الإيراد عند الشك والاشتباه فإن قدر من الناس من يشك ف يهذا احتاج مثل هذا إلى البيان وقد قلنا إن الأسولة السوفسطائية ليس لها حد محدود ولا عد معدود.
وهذا نظير قول القائل: إن المحدث الذي كان بعد أن لم يكن لم يحدث نفسه، وهذا كله من العلوم البديهية الضرورية الفطرية التي هي من أبين الأمور عند العقلاء.
ولو احتاج المستدل أن يذكر من الأقسام ما يخطر ببال كل أحد، وإن كان فساده معلوماً بالضرورة، لقال: الممكن إذا لم يوجد بنفسه فإما أن يوجد بموجد او بغير موجد وإذا وجد بموجد، فلذلك الموجد إما أن يوجده وهو معدوم، أو يوجده وهو موجود.
ثم يريد أن يبطل الثاني بأن الموجد لا يوجد وهو معدوم، كما فعل ذلك طائفة من أهل الكلام، وإذا أراد أن يبطل ذلك قال: والمعدوم لا يكون موجداً لأن العدم لا يتميز فيه شيء عن شيء والموجد