والبرهان الذي ذكره في إبطال التسلسل أيضاً مختص بهذه الصورة، فكان الأولى تقديم الكلام في هذه المسألة، لكن لما كان في عزمه أن يذكره في موضع آخر، وهو النمط الخامس من هذا الكتاب، لا جرم تساهل فيه ههنا.
قلت: مثل هذا الكلام هو الذي أوجب أن يدخل هذا القسم من أدخله ف يهذا الدليل كالآمدي وغيره، ولا حاجة إليه، بل ما ذكره ابن سينا كاف.
والدليل الذي ذكره على إبطال التسلسل في العلل يوجب إبطال علل متسلسلة سواء قدرت مجتمعة أولا، كما قد تبين من كلامه، وهو لا يجوز عللاً متسلسلة لا متعاقبة ولا غير متعاقبة وإنما يجوز حوادث متسلسة، وتلك عنده شروط لحدوث الحوادث، لا علل ولا أساب بمعنى العلل، ولا يجوز عنده إسناد كل ممكن إلى ممكن قبله أصلاً، ولكن يجوز ان يكون وجوده مشروطاً بوجود ممكن قبله وبين العلة والشرط فرق معروف.
ومن هنا دخل الغلط على الرازي ف يهذا الاعتراض، ولهذا كان سائر من تكلم في إبطال العلل المتسلسلة لم يحتج إلى ذكر هذا القسم أصلاً، ولا يقولون إن الممكن أو الحادث الذي يوجد قبل الممكن أو الحادث هو علة أيضاً، ولا هو مستند وجوده وإنما يقولون هو شرط فيه.