وإذا كان كذلك بطلب حجتهم، لأن غايتها أن قصده للحوادث في ذاته يستلزم كون ذاته في جهة، بطل نفي هذا اللازم.
وإما ان يقال: قصد الشيء لا يستلزم كونه بجهة من القاصد، وحينئذ فبطلت هذه الحجة، فثبت بطلانها على التقديرين.
وإيضاح فسادها أنها مبنية على مقدمتين، وصحة إحداهما تستلزم بطلان الأخرى، وبطلانها يتضمن بطلان إحدى المقدمتين، فثبت بطلان إحداهما على كل تقدير، وإذا بطلت إحدى المقدمتين بطلت الحجة، فإن أحدى المقدمتين أن القاصد لا يقصد إلا ما هو في جهة.
والثانية أن كون الباري في الجهة محال.
فإن كانت المقدمة الأولى صحيحة لزم أن يكون في الجهة، لأنه يقصد حدوث حوادث قطعاً، فبطلت الثانية.
وإن كانت الأولى باطلة، بطلت الحجة أيضال لبطلان أحدى مقدمتيها.
وكما أن فساد هذه الحجة ظاهر على أصول أهل الملل وغيرهم ممن يقول بحدوث العالم، فبطلانها على رأي الفلاسفة الدهرية أظهر.
فإن هؤلاء لا ينكرون حدوث الحوادث، فإن قالوا: إنها حادثة عن علة أزلية موجبة بنفسها، كما يقوله ابن سينا وأمثاله، فهؤلاء يقولون بان الحوادث تحدث عنه بوسائط.