وحينئذ فيقال: إما أن ذلك يستلزم كونها منه في جهة أو لا يستلزم؟ وتبطل الحجة على التقديرين كما تقدم.
وإن قالوا: بل العالم واجب الوجود بنفسه، فقد قالوا بحدوث الحوادث عن القديم الواجب بنفسه وقيامها به، فإن الحوادث قائمة بذات الأفلاك، وحينئذ فكل ما يحتج به على نقيض ذلك فهو باطل، فإن صحة أحد النقيضين تستلزم بطلان الآخر، وبطلان اللازم الذي هو المدلول، كانت أدلته المستلزمة له كلها باطلة.
وهذا الجواب خير من جواب الآمدي بقوله: القصد إلى ما هو في جهة ممن ليس في الجهة محال فإن جميع نفاة الجهة من أهل الكلام يقولون إن الرب تعالى يقصد إلى ما هو في جهة من المخلوقات، والقصد منه وليس هو في جهة عندهم.
بل يقال جواباً قاطعاً: القصد في الجهة ممن ليس في الجهة، إن كان ممكناً بطلت المقدمة الأولى من الأعتراض، وإن كان ممتنعاً بطلت المقدمة الثانية.