وأما الاعتراض الثاني، وهو قولهم: لجاز قيام كل حادث به، فظاهر الفساد.
فإنا إذا جوزنا قيام صفة به لم يلزم قيام كل صفة به فإذا جوزنا أن تقوم به صفات الكمال كالحياة والعلم، والقدرة والسمع والبصر، والكلام لم يلزم أن تقوم صفات النقص به، كالجهل المركب، والمرض، والسنة، والنوم، وغير ذلك من النقائض الوجودية.
وإذا جوزنا أن يقوم به كلام لم نجوز قيام كل كلام به وإذا جاز إرادة به لم يجز قيام إرادة كل شيء به، وإنما يقوم به ما يليق بجلاله، وما يناسب كبرياءه إذ هو موصوف بصفات الكمال، ولا يوصف بنقائضها بحال
وذلك لأن كونه سبحانه قابلاً لأن تقوم به الصفات أو الحوادث، لم يكن لمجرد كون ذلك صفة أو حادثاً، فيلزم طرد ذلك في كل صفة وحادث، كما انه إذا قيل: تقوم به أمور وجودية، ولم يلزم أن يقوم به كل موجود، لأن قيام الصفات الوجودية به لم يكن لمجرد كونها موجودة، حتى يقوم به كل موجود، وهذا كما إذا قلنا: إن رب العالمين قائم بنفسه، وهو موجود، وهو ذات متصفة بالصفات، لم يلزم من ذلك أن يكون كل ما هو قائم بنفسه، وهو موجود، وهو ذات متصفة بالصفات، أن يكون رب العالمين.
والناس متنازعون في صفاته: هل تسمى أعراضا أو لا تسمى؟ مع تنازعهم في ثبوتها ونفيها، ففي مثبتة الصفات ونفاتها من يسميها أعراضا.