فإذا قيل: لو جاز أن يقوم به عرض لزم أن يقوم به كل عرض، لكان هذا أيضاً باطلاً فإن ذلك لم يكن لكونه عرضاً فيلزم قيام كل عرض به.
والمسلمون متفقون على أن الله خالق كل موجود سواه فلو قيل: لو جاز أن يخلق موجوداً للزم أن يخلق كل موجود، فيلزم أن يكون خالقاً لنفسه وهو محال.
أو لو قيل: لو جاز أن يخلق عالما قادرا حيا لزم أن يخلق كل حي عالم قادر، وهو حي عالم قادر، فيلزم أن يكون خالقاً لنفسه وهو محال لكان هذا كلاماً باطلاً.
وأصل هذا أن السالب النافي لما نفي نفياً عاما أن يقوم بالله صفة أو أن يقوم به ما يريده ويقدره عليه لكونه حادثاً فنفي عاماً أن يقوم به حادث ونحو ذلك قابلة المثبت فناقض هذا الخبر العام وهذه القضية السالبة الكلية، وكذبها يحصل بإثبات خاص، وهو القضية الجزئية الموجبة، فيجوز قيام صفة ما من الصفات، وحادث ما من الحوادث وذلك الجائز لم يجز قيامه للمعنى المشترك بينه وبين سائر الصفات والحوادث، وإنما قام لمعنى يختص به وبأمثاله لا يشاركه فيه جميع الصفات والحوادث.
لكن المشترك، كما انه ليس هو المقتضي له للقيام بالذات فليس هو مانعاً فكون القائم به صفات أو حادثاً ليس أمراً موجباً للقيام به حتى يقوم كل صفة وحادث ولا مانعا من القيام به حتى يمنع كل صفة وحادث.