فمن نفى نفيا عاماً لأجل ذلك فهو معارض بمن أثبت إثباتاً عاما لأجل ذلك، وكلاهما باطل.
بل هو المستحق لصفات الكمال العارية عن النقص وهو على كل شيء قدير، ولم يزل قادراً على أن يتكلم ويفعل بمشيئة واختياره، سبحانه وتعالى.
وإذا قال القائل: هذا يقتضي قيام الصفات أو الحوادث به قيل: هذا المعنى عديم التأثير، لا هو موجب للامتناع ولا للجواز.
والمثبتون يقولون: كونه قادراً على الفعل والكلام بنفسه صفة كمال وكونه لا يقدر على ذلك صفة نقص، فإن القدرة على الفعل والكلام، مما يعلم بصريح العقل أنه صفة كمال، وأن من يقدر أن يخلق ويتكلم، أكمل ممن لا يقدر أن يخلق ويتكلم، فإنه يكون بمنزلة الزمن، ويقولون: بالطريق التي تثبت له صفات الكمال يثبت هذا، فإن الفاعل بنفسه الذي يقدر بنفسه على الفعل من حيث هو كذلك، أكمل ممن لا يمكنه ذلك، كما قد بسط كلامهم في غير هذا الموضع.
وأيضاً فإن أراد المريد بقوله: تقوم به الحوادث كلها، أنه قادر على أن يمسك العالم كله في قبضته، كما جاءت به الأخبار الإلهية فهم يجوزون ذلك بل هذا عندهم من أعظم أنواع الكمال كما قال تعالى {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه} الزمر ٦٧.