وهذا ممتنع لكونه نقصاً لا لكونه حادثاً فالموت والسنة والنوم والعجز واللغوب والجهل، وغير ذلك من النقائص هو منزه عنها ومقدس أزلاً وأبداً فلا يجوز أن تقوم به، لا قديمة ولا حادثة، لكونه نقاقض ما وجب له من الكمال اللازم لذاته.
وإذا كان أحد النقيضين لازماً للذات، لزم انتقاء النقيض الآخر، فكل ما تنزه الرب عنه من الحوادث والصفات فهو منزه عنه لما أوجب ذلك لا للقدر المشترك بينه وبين ما قام به من الكمالات
وأما السؤال الثالث وهو قوله: إنه لا حاجة إلى ذلك فيقال ليس كل مالا تعلم الحاجة إليه يجزم بنفيه فإن الله أخبر أنه كتب مقادير الخلائق قبل خلقهم ولا يعلم إلى ذلك حاجة وكذلك قد خلق آدم بيده عند أهل الإثبات مع قدرته على أن يخلقه كما خلق غيره.
وأيضاً فإن عدم الحاجة إلى الشيء أوجبت نفيه فينبغي أن تنفي جميع المخلوقات فإن الله لا يحتاج إلى شيء.
وأما ما يقوم بذاته فما كان الخلق محتاجاً إليه وجب إثباته، وما لم يكن الخلق محتجاً إليه كان قد انتفى هذا الدليل المعين الدال على إثباته وعدم الدليل مطلقاً لا يستلزم عدم المدلول عليه في نفس الأمر وإن استلزم عدم علم المستدل به فضلا عن عدم الدليل المعين.
وأيضاً فإن الرب تعالى يمكن ان يكون له من صفات الكمال مالا يعلمه البعاد، ولا يمكنهم نفيه لانتفاء الحاجة إليه.