لكن النزاع بينهم في الخلق المغاير للمخلوق: هل هو قديم قائم بذاته؟ أو هو منفصل عنه؟ أو هو حادث قائم بذاته؟ وإذا كان حادثاً فهل الحادث نوه؟ أو أن الحوادث هي الأعيان الحادثة ونوع الحوادث قديم لتكون صفات الكمال قديمة لله لم يزل ولا يزال متصفاً بصفات الكمال؟
هذه الأقوال الأربعة قد قال كل قول طائفة ويقولون أيضاً: إن قيام هذه الأمور بذاته من صفات الكمال وذلك أنا قد علمنا أن الله متكلم وأن المتكلم لا يكون متكلماً إلا بكلام قائم بذاته وأنه مريد، ولا يكون مريداً إلا بإرادة قائمة بذاته إذ ما قام بغيره من الكلام والإرادة لا يكون كلاماً له ولا إرادة إذ الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل لا على غيره ويقولون قد أخبر الله انه {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} وان تدل على أن الفعل مستقبل، فوجب أن يكون القول والإرادة حادثين بالسمع.
وبالجملة عامة ما يذكر في هذا الباب يعود إلى نوع تناقض من الكرامية، وهو عمدة منازعيهم، ليس معهم ما يعتمدون عليه إلا تناقضهم وتناقض أحد المتنازعين لا يستلزم صحة قول الآخر لجواز ان يكون الحق في قول ثالث لا قول هذا ولا قول هذا لا سيما إذا عرف أن هناك قولاً ثالثاً وذلك القول يتضمن زوال الشبه القادحة في كل من القولين الضعيفين.